حكومة الظل الظليل

 

images

إذا استأسد الجمل على الحمل، وطارد القط الفأر، ونبحت الكلاب، ونعق الغراب، ونهق الحمار، وصرخ البراح، وذبل النبات، وشح الماء، وتهافت النمل على القصعة، وسكنت الأكواخ، وجعل من المراحيض منازل…؛

 ووضع الشريف، وعلا شأن العريف، وتطاول القاصي على الداني، واستؤصل المعارض، ثم استأسد السفهاء، وتم البيع بالرخيص، والشراء بالزهيد…؛

 وتلوث الماء، وقطع الكهرباء، وفاض الوادي، فصرخوا أن هبوا لنجدة الأهالي، فقد انفجرت القنوات، وهدمت البيوت، وركب الناس الفلك في الشوارع، وانجرفت الأراضي، أن الحقوا بالمحاصيل، وآنهارت المباني فوق رؤوس المواطنين و أسقف المساجد فوق رؤوس المصلين…؛

لأن خطط التعمير فشلت،، ولأن المساجد دولت وأممت، والأوقاف حبست فانحبست، والميزانيات آستنفذت، والمخازن أفرغت، والأموال العامة هربت، في بنوك سويسرا كدست… !

وإذا سخطت النفوس، وذاقت الأرض بما رحبت، وتبرمت الوجوه، وتهجمت الملامح، ونفرت الطبائع، وآثاقلت الأرواح إلى الأرض، وامتدت الأيادي، وارتفعت الأسعار، وفاحت الروائح، وكثرت العطالة، وتناسلت الأرحام، واختنقت الشقق وأسطح العمارات؛ لأن السكان سكنوا تحت الأدراج، بينما تبنى بأموالهم زينة الأبراج… !

و أما إذا تغافل الناس عن رب الأرباب بسبب آحتكار الخبز من طرف الأرباب…؛

 ثم هشمت الرؤوس، وكسرت العظام، وأطعم الفقراء القطمير، وأووا إلى القصدير، وأشربوا المرارة شرب الهيم، وألقموا الخوف على الريق… !

 وإذا ارتعش الفؤاد، وتلعثم اللسان، ولان الجانب، وخفض الجناح للبعوض، وتوالدت الأدواء، فقل الدواء، ووخز الجراح، وأجهض الطبيب، وترك الطريح حتى يأتي “البقشيش”، وإلا فالمصير إلى ما بعد الكورنيش…!

وإذا رأيت الفيل يدوس على النمل، ورأيت الأسود تكبرت على البرايا، فأعلم أنك تحت ظل قانون الغاب…!

وإذا تكشرت الأسنان، وافترست الأجساد، ونهشت اللحوم، وهي في القبور، وتعددت الأفهام، وقلت الأعلام، ورفعت الأقزام، ونكست الأقلام…؛

 ذلك لأن البطانة والحواشي و’’القوافي….’’ على العروش، للحرير توسدت فوق ‘’الفروش’’، وملئت “الكروش”، قد حصلت القروش ، في رمشة عين قررت، أن أطلقوا الوحوش لتفترس النفوس حتى ولو في النعوش… !

وإذا رأيت القطار قد انقلب، والمطار اضطرب، والطريق تعب…؛

فأعلم أن القانون سحب، والصندوق سلب، والمسئول كذب، وأن جيب المواطن  ثقب   !

ثم إذا رأيت الشوارع أنشئت، والأرصفة نقيت، والأزقة سودت ، والجدران صبغت، والحانات أغلقت؛

فاعلم رحمك الله  أن الموازين و ‘’النموزين’’  من هنا وهناك قد مرت…  !

وأما المعامل فللسموم أفرزت ونفثت، ثم لوثت، وأن الموانئ استوردت أكثر مما صدرت، والقوارب للأدمغة والبشر أغرقت والشوطىء لهم  رمت  وأسماك القرش لعظامهم تقيأت…!

فأعلم أن المبني للمجهول قد حزم، بتعالميه النافذة أمر، وأن المبني للمعلوم رخص، والظاهر للعيان وافق ، والمنصوب أمضى، و المجزوم مرر، ولا تسأل عن المجرور فللريق بلع !

فلماذا  لا تفهم رحمك  الله  أيها المجرور والمنصوب والمجزوم والمبني  للمعلوم على حساب المبني للمجهول، أن الشيوخ صبروا، والقواد تعبوا، والبشاوات سهروا، والعمال والولاة وما فوقهم راودوا، ولأمن  الرعية واستقرار البلاد  ومصالح العباد قد حافظوا!

هو إذن حق ظاهر وقانون صارم ودستور باهر !

تلك إذن ديمقراطية أزلفت، وحداثة لبست، ومخزنية ما عادت كما كانت ، لأنها تطورت وتبدلت !

 ودبلوماسية  ‘’ناجحة  ‘’ في الملفات أنهكت، وخارجية في الرحلات والجولات مسكينة قد تعبت وملت، وسفارات بضجيج الوفود صخبت، وقنصليات لجوازات وأوراق الجالية راقبت، وبالكفاءات والأطر والعقول  والأدمغة الذكية والنوابغ استنفرت، فهجرت!

ثم اعلم أن هناك مثقفين لكل ذلك في أبراجهم العاجية نظروا، وعبر الأبواق عن ذلك عبروا، وأن فنانين أبدعوا، وعدائين هرولوا، ولأنفاسهم كتموا، وأن مذيعين صرخوا بحناجرهم حتى بحوا، وأن صحفيين بأقلامهم حرروا، وأن المراسلين من الأقاصي والأعماق للتهميش والحرمان والفساد….قد نقلوا!

هي إذن جيوش في قواعدها على استعداد قد تدربت، وأجهزة بلا قانون ارتشت فرشيت، و للأصوات قمعت، وجمارك ما بين هربت وحجزت، وأخرى آحتوشت واحتوت، ثم استحوذت… !

ولا تغفل عن ‘’العفاريت ‘’ ، ولا تلهى فتلتهمك ‘’ التماسيح’’ !

وإياك و’’الديناصورات ‘’  فهم من فصيلة  ‘’ التينينات ’’  !

 وإذا كنت تتذكر أصحاب الظل الطويل؛ فاعلم أنهم قد نهلوا من تلك المدرسة، من حكومة أصحاب الظل الظليل استظلوا، ومن الظل الوفير تحت العريش قطفوا !

هو إذن حكم جائر وشعب خاسر !

هي إذن رسالة لأنظمة أينعت، أن أشجارا قد قطعت، ومن الجذور اقتلعت؛

 وأن  – شركة طيفال- باللصاق بعثت، ولصناعة – موديلات- من الكراسي قد شرعت   !

وما تأت ذلك إلا لأن ربيعا وأزهارا تفتقت، وشعوبا غضبت، ثم انتفضت للياسمين والفل أفرزت، وللعقيد والرقيب مسخت فقذفت، والأمة للباقي انتظرت، وللاستبداد والفساد، ولأصحاب  حكومة الظل  الظليل   تربصت رغم تمددهم و عودة انتشارهم  فما ملت … .

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *